هل السمنة تدل على الصحة السيئة؟

تُعرف السمنة بأنها تراكم الدهون في الجسم فوق الحد الطبيعي ويوجد أكثر من طريقة لتشخصيها، للسمنة أسباب متعددة ومعقدة لكن السبب الرئيسي “في الغالب” هو تناول سعرات حرارية أعلى مما يحتاج الجسم”مبدأ توزان الطاقة”، لكن الإفراط في تناول الطعام قد يكون وراؤه سبب، مثل: الضغط النفسي، الجينات، قلة الحركة، أسباب فسيولوجية، خربطة الهرمونات، البيئة المحيطة، والأدوية، كلها تعتبر أسباب مؤدية للسمنة، لكن بمجرد معرفة السبب المؤدي للسمنة فأن الجهود المبذولة من قبل الشخص، مثل: إتباع نظام غذائي، وممارسة الرياضة ستكون في صالحه وستعود بتأثير إيجابي حتى لو كان هذا التأثير محدود، والحل في الدرجة الأولى هو حل السبب الرئيسي المؤدي للسمنة.

هل فكرت من قبل أنه من الممكن أن يكون هناك أشخاص لديهم زيادة بالوزن لكن صحيّين ولا يوجد لديهم أمراض؟ في في الواقع لا يوجد إجابة واحدة ممكن أن تجيب على هذا السؤال لأنه الطبيعة البشرية مختلفة من شخص لشخص.

إذن كيف يمكن تحديد إذا كان الوزن مناسب أم لأ؟

كون طبيعة الجسم مختلفة من شخص لآخر، كان لا بد من وجود طريقة لتعبّر عن وزن الشخص بالنسبة لطوله وهي مؤشر كتلة الجسم(BMI)، حيث يتم تقسيم الوزن بالكيلوغرام على الطول بالمتر تربيع، مثلًا فتاة وزنها 50كغ وطولها 160سم، العملية الرياضية (50)÷(1.6) تربيع، والناتج هو الذي يحدد تصنيفه.

حسب التصنيف يعتبر الشخص الذي لديه مؤشر كتلة الجسم أقل من 18.5 نحيف، والنحافة المفرطة قد تكون دليل على نقص الدهون التي نحتاجها للعديد من الوظائف، وتم تقسيم التصنيف كالتالي:

18.5 إلى 24.9، مؤشر كتلة الجسم الطبيعية.

25 إلى 29.9، زيادة بالوزن.

30 إلى 39.9، سمنة.

40 فأكثر، سمنة مفرطة.

إذن مصطلحات زيادة الوزن، السمنة، والسمنة المفرطة مختلفة عن بعضها.

وقد لا يكون مؤشر كتلة الجسم لوحده أداة كافية، لأنه من الممكن أن يمتلك الشخص مؤشر كتلة جسم 30 ولكنه يمتلك كتلة عضلية كبيرة! لذا يتطلب الأمر استخدام أكثر من طريقة لمعرفة نسبة الدهون بالجسم، حيث أن الرقم على الميزان، ومؤشر كتلة الجسم لا يكفيان وحدهما.

مع العلم بأن صحة الفرد شيء لا يمكن تقييمه بالرقم الظاهر على الميزان، أو من ناتج مؤشر كتلة الجسم فقط، مقياس الصحة ممكن أن يحدد من دلائل وفحوصات تعطي فكرة عن الصحة الجسدية والنفسية، مثل: مستويات السكر بالدم، مستويات الدهون الثلاثية والكوليسترول في الدم، صحة القلب، ضغط الدم، هل يعاني من نقص في المغذيات (فيتامينات ومعادن)؟ هل هو سعيد وراض عن شكله؟ هل يمتلك لياقة؟

ملاحظة: مهم جدًا معرفة نسبة الدهون في الجسم، لأنه إذا تم الاعتماد على الوزن فقط لن يعطي نسبة الدهون. ووجود الدهون بنسب معينة في الجسم ضروري ومهم؛ لحماية الأعضاء الداخلية، ولصحة العظام، والهضم، والنمو، والجهاز المناعي، بالإضافة أنه عندما لا يجد الجسم مصدر طاقة يلجأ إل الدهون حتى تعطيه حاجته من الطاقة، لذلك معرفة نسبة الدهون بالجسم شيء ضروري إلى جانب الوزن، ومؤشر كتلة الجسم.

وتتوزع الدهون في الجسم على شكلين هما: شكل التفاحة(Apple shape “Android)، وشكل الإجاصة(Pear shape Gynoid)

شكل التفاحة هو عندما تتراكم الدهون في منطقة الوسط “البطن” وهو الشكل الشائع عند الرجال أكثر من النساء، إما شكل الإجاصة فهو تراكم الدهون في المنطقة السفلية من الجسم(منطقة الأرداف) وهي شائعة عند النساء أكثر من الرجال. ومن الطرق البسيطة المستخدمة لقياس الدهون المتراكمة في منطقة البطن وتفسيرها هي استخدام شريط القياس(المتر)، فإذا زاد محيط الخصر للرجال عن 102 سم، ومحيط الخصر للنساء عن 88 سم، كانت إحتمالية حدوث مشاكل صحية مثل: مقاومة الإنسولين، الضغط، وأمراض القلب أكثر، وكلما كان تراكم الدهون في منطقة البطن أكثر (أقرب لشكل التفاحة)، كان تراكم الدهون الحشوية على الأعضاء الداخلية في الجسم أكثر، وتذكّر أنه إصابتك بهذه المشاكل الصحية ليست حتمية لكن الوقاية أفضل.

من الأفضل كمقياس للصحة؟ مؤشر كتلة الجسم أم قياس محيط الخصر؟

وجدت الأبحاث الصادرة عن مبادرة صحة المرأة (WHI) أن النساء ذوات مؤشر كتلة الجسم في النطاق “الطبيعي” (18.5 إلى 24.9)، لكن قياسات الخصر أعلى من (88 سم) زاد لديهن من خطر الوفاة لجميع الأسباب بنسبة 31٪ مقارنة بالنساء ذوات الوزن الطبيعي وليس لديهن سمنة في منطقة الوسط (البطن).

هل سمعتم سابقًا عن مقياس نسبة محيط الخصر إلى محيط الورك(Waist-to-hip ratio)؟ هي طريقة لتقدير كمية الدهون الحشوية بالجسم، لكنها أثبتت عدم قدرتها على التنبؤ بشكل موثوق بالكمية الصافية للدهون الحشوية لكنها أفضل من مؤشر كتلة الجسم كمقياس للصحة.

يمكن أن تسبب السمنة العديد من الأمراض التي لا تعد ولا تحصى، مثل: أمراض القلب، والسكتات الدماغية، ويجعل الفرد أكثر عرضة للإصابة بإرتفاع ضغط الدم، ومستويات الكوليسترول غير الطبيعية، وزيادة خطر الإصابة بداء السكري من النوع الثاني؛ فمن الممكن أن تؤثر السمنة على طريقة استخدام الجسم للأنسولين للتحكم في مستويات السكر في الدم، وبعض أنواع السرطان مثل: سرطان الرحم، الثدي، القولون، المريء، الكبد، المرارة، البنكرياس، الكلى، والبروستات عدا عن مشاكل الجهاز الهضمي، وزيادة إحتمال الإصابة بحرقة المعدة، وتوقف التنفس أثناء النوم؛ فالأشخاص المصابون بالسمنة أكثر عرضة للإصابة بانقطاع التنفس أثناء النوم، كما تزيد السمنة من الضغط الواقع على المفاصل الحاملة للوزن وبالتالي تؤثر على العمود الفقري، عدا عن هشاشة العظام وزيادة الإلتهابات.

كما تؤثر السمنة على مشاركة الأفراد المشاركة في الأنشطة الممتعة، والتواجد في الأماكن العامة، أو حتى تقلل من إنجازهم في العمل أو الشعور بالعزلة الإجتماعية، والشعور بالذنب خوفًا من التنمر أو غيره، وكل هذه الأمور ستؤثر على حياتهم بشكل سلبي.

لا يوجد حل سريع وخارق للوصول إلى الوزن الذي تريده في فترة قصيرة، لذلك الأفضل أن تعدل على سلوكياتك اليومية، مثلًا تناول طعامك عندما تكون جائع فقط، اختر الأطعمة التي تحبها والتي تجعلك تشعر بالسعادة، قم بالاستماع لإشارات الشبع في جسمك، كلما كان الوعي أكبر بالمخاطر المحتملة بسبب زيادة الدهون الحشوية، ستكون أقرب لتحقيق أهدافك.

سواء كنت شخص معرضًا لخطر الإصابة بالسمنة أو زيادة الوزن أو حتى لو كنت تتمتع بوزن صحي، فمن المهم المحافظة على الصحة من خلال إتباع نظام غذائي صحي، والتركيز على الأطعمة المنخفضة بالسعرات والعالية بالعناصر الغذائية، وخلق عادات غذائية صحية ونمط حياة نشيط، حيث يمكن أن تساعدك كل هذه الأمور في معرفة الأسباب التي أدت إلى زيادة الوزن وجعلتك تفقد السيطرة على نفسك، حاول في يوم الكتابة في دفتر اليوميات واكتب فيه ماذا تناولت، ومتى، وكم، وكيف كنت تشعر قبل وبعد تناول للطعام، ومدى جوعك قبل وبعد تناول الطعام، بعد فترة سوف تلاحظ أنك تتبع أنماط وسلوكيات معينة لو تعدلها ستصبح قادر على الوصول إلى هدفك، بعد ذلك يصبح الالتزام أسهل.

لو يتم التركيز على السلوكيات الإيجابية اليومية سوف يتم التعزيز من الصحة بشكل كبير، وبالتالي المساهمة في إنقاص الوزن، النوم من(7-9) ساعات كل يوم، ممارسة أي نوع رياضة تحبها، التعامل مع التوتر بعيدًا عن الطعام، التركيز على الفواكه، والخضروات، والحبوب الكاملة، ومصادر البروتين الخالية من الدهون. إذا كنت تحب نوع طعام معين تناول منه باعتدال فنوع واحد من الطعام ليس السبب في زيادة الوزن.

لكي تحسن من صحتك، يوجد العديد من الأمور التي يمكن أن تتبعها ونزول الوزن هي إحدى هذه الطرق، وللعلم لا تحتاج إلى خسارة كبيرة بالوزن حتى تشعر بالتحسن فنزول 5-10% من الوزن كافية لتلاحظ التحسن والفرق وبعدها يمكن أن تكتفي بالمحافظة على ال10% التي خسرتها.

Leave a Comment