تمارين المقاومة والإناث
في جلسة من الجلسات وجه إلي سؤال: ماذا أفعل لانقص من وزني وأرتب شكل جسمي؟
وكان الجواب ممارسة تمارين مقاومة (رفع الأثقال)، وكانت كمية الاستغراب بعد الجواب كبيرة، ممارسة تمارين المقاومة؟ هل سيصبح لدي عضلات وجسم ضخم مثل الشباب؟ وكيف سأكون قادرة على حمل الأوزان الثقيلة؟ إلا يكفي المشي؟
ردة الفعل هذه ليست جديدة، وحتى قد تكون صدرت بيوم من الأيام مني أو منك.
للأسف الاعتقاد الشائع عند معظم الناس هو أن تمارين المقاومة وسيلة لتضخيم الجسم ومحصور فقط للذكور، لكن الحقيقة أن تمارين المقاومة وسيلة للحصول على جسم صحي ومتناسق للذكور والإناث على حد سواء.
المشي، الركض، الرقص بأنواعه، وأجهزة الكارديو المتواجدة بكثرة في النوادي الرياضية الخاصة بالنساء جميعها تصنف كتمارين هوائية، ولها فوائد كثيرة على صحة القلب، واللياقة، وغيره، ولكن لا يمكن أن تكون وسيلة فعالة لوحدها لخسارة الدهون، بناء العضلات، أو تحسين شكل الجسم، فعليًا تمارين المقاومة التي تحاول أغلب الإناث تجنبها هي التي تساعد على التحسين من شكل الجسم عدا عن فوائدها الكثيرة للصحة أيضاً.
صحيح أنه أثناء لعب التمارين الهوائية يقوم الجسم بحرق سعرات حرارية أكثر، وهذا يعتبر سبب جاذبية هذه التمارين لمعظم الإناث اللواتي يحاولن التقليل من السعرات الحرارية المتناولة وإنقاص الوزن، لكن في الحقيقة هذه الزيادة في الحرق تكون مؤقتة وتتوقف بسرعة نسبياً عند توقف التمرين، بهذه الحال لن تساعد بتحقيق هدف نزول الوزن بشكل فعال مثل تمارين المقاومة، فعلى الرغم أنه أثناء ممارسة تمارين المقاومة يكون الحرق أقل ولكن يستمر الحرق لفترات زمنية أطول بعد الانتهاء من التمرين، وعند الاستمرار بلعب هذه التمارين بالطريقة الصحيحة تزيد الكتلة العضلية (العضلات) في الجسم، ووجود عضلات أكثر يساعد على رفع معدلات الايض في الجسم (حرق سعرات حرارية أكثر)، وعلى المدى الطويل يساعد في نزول الوزن بشكل فعال.
إذن تمارين المقاومة تعني دهون أقل، عضلات أكثر، وتناسق أفضل للجسم.
هناك خرافة شائعة تقف وراء خوف الإناث من ممارسة تمارين المقاومة تقول أنه عند البدء بممارسة تمارين المقاومة سيتضخم الجسم ويصبح غير أنثوي، لكن في الحقيقة الضخامة والشكل الذكوري يتطلبوا وجود مزيج من النسب العالية من الهرمون الذكوري (التوستستيرونTestosterone)، واستهلاك سعرات حرارية أعلى من الاحتياج، فبالتالي صعب جداً أن تصل الإناث إلى الضخامة التي يتم تصويرها.
كما أن جسم الأنثى في طبيعته ليس مصمم لبناء العضلات بنفس الطريقة والكفاءة في جسم الذكر، فالهرمونات والجينات الموجودة في أجسام الإناث ستحد من مقدار العضلات التي يمكن بناءها من تمارين المقاومة، وعند إضافة هذه التمارين إلى الروتين الرياضي اليومي يساعد على إعادة تشكيل الجسم، وجعله أكثر رشاقة دون الوصول إلى الضخامة والجسم الأكبر.
يمكن ممارسة تمارين المقاومة في البيت أو النادي الرياضي، سواء بوزن الجسم، أو باستخدام الأثقال، أو عصابات المقاومة (Resistance Bands)، ومن المهم أن تكون التمارين شاملة لأغلب عضلات الجسم، وأن تكون التكرارات في كل جولة لدرجة الإجهاد العضلي أو قريب منه، سواء اسُتخدمت أوزان قليلة وتكرارات عالية (ليس أكثر من 30)، أو أوزان عالية وتكرارات قليلة، مع زيادة الوزن بشكل تدريجي.
-ما رأي العلم؟
بينت الدراسات أن ممارسة تمارين المقاومة لها فوائد عديدة، فمثلاً وجدت دراسة تجربة عشوائية(LIFTMOR Randomized Controlled Trial)، أُجريت عام 2017 من قِبل الجمعية الامريكية لأبحاث العظام والمعادن (The Journal of Bone and Mineral Research)، على النساء الأستراليات بعمر 65 ±5 عام، ومصابات بهشاشة العظام، حيث تم تقسيمهم إلى مجموعتين الأولى قامت بممارسة بممارسة تمارين المقاومة عالية الكثافة تحت إشراف متخصصين(HiRIT Exercise)، والثانية قامت بأداء تمرين منزلي منخفض الكثافة غير خاضع للإشراف، لمدة(30دقيقة/يومين في الأسبوع)، وبينت النتائج تحسن كثافة العظام لدى المجموعة التي مارست تمارين المقاومة عالية الكثافة بحوالي 3% على مدار 8 أشهر من التدريب.
وتعتبر تمارين المقاومة ذات فائدة خاصة للنساء الكبار في السن، فهي طريقة فعالة للمحافظة على عضلاتهم من الخسارة والتقليل من ألم المفاصل الذي قد يحدث مع تقدم العمر.
وبدراسات أخرى وجدوا أن لرفع الأوزان الثقيلة فائدة في زيادة حساسية الجسم للأنسولين، عن طريق زيادة قدرة الجسم على استخدام الجلوكوز لإنتاج طاقة، من ناحية الصحة النفسية تقلل تمارين المقاومة من أعراض القلق والاكتئاب، وتزيد من ثقة الفرد بنفسه والرضا عن شكل الجسم، بالتالي التحسين من جودة الحياة (Quality Of Life) والعيش براحة.
لذّلك كما ننصح دائمًا أنه يجب على الجميع أن يجعل من تمارين المقاومة جزء من روتين يومه سواء إناث أو ذكور، صغار أو كبار للحصول على نتائج مُرضية حقيقية بأجسامهم. فالرشاقة، اللياقة، وحتى الصحة، هي أمور من الممكن تقيمها من المظهر الخارجي وشعور الشخص بالرضا والراحة، وعاداته اليومية والتغذوية، ولكن الأكيد أنه لا يمكن تقيمها بالرقم الذي على الميزان لوحده.