هل يوجد علاقة بين كورونا واضطرابات الطعام؟
مع إنتشار فيروس كورونا حول العالم بدأت فترة الحظر المنزلي الشامل التي حملت معها العديد من التأثيرات والتغيرات، جميع الفئات العمرية من الأطفال إلى كبار السن تأثروا بتبعيات الكورونا، ومن أكبر التأثيرات كانت الضغط النفسي، والتوتر الذي زاد من الشعور بالاكتئاب بتلك الفترة.
كما أن فترة الحظر المنزلي أثّرت على العادات الغذائية، والنشاط البدني بشكل ملحوظ. وبدأت معاناة الكثير من الأشخاص مع زيادة الوزن، وقلة النشاط البدني، وأصبح الطعام هو المتنفس الوحيد، في المقابل استطاع بعض الأشخاص المحافظة على عاداتهم الغذائية، وممارسة النشاط البدني، وتغلبوا على هذه الفترة وحافظوا على أهدافهم.
ولكن ماذا عن الأفراد الذين يعانون من اضطرابات الطعام(Eating Disorders)، كيف أثّر الحظر المنزلي عليهم؟
كان تأثير الكورونا سلبي على الأشخاص المعرّضين للإصابة باضطرابات الأكل أو المصابين فيها. وذلك بسبب:
1- قلّة الحركة وممارسة النّشاطات اليوميّة:
قبل جائحة كورونا كان النظام اليومي طبيعي ومنظم، وتوزيع وجبات الطعام يعتمد على جدول الأعمال اليومي، ووقت الخروج من/ والعودة إلى المنزل، لكن الحظر المنزلي افسد النّظام المعتاد، وأصبح تناول الطعام بأي وقت دون تخطيط أو تنظيم، وبكميات كبيرة، مما أدى إلى تعرض البعض لنوبات من نهم الطعام (Binge Eating).
كما أن الخروج من المنزل أصبح مقتصر على التسوق فقط، لتخزين وتموين الطعام، مما زاد فرصة تناوله، نظرًا لتوافره الدائم في المنزل، وبكميات كبيرة أكثر من المعتاد، وهذا بدوره ساهم في زيادة حالات نّهم الطعام، وللأسف يلجأ بعض الأفراد إلى ممارسة بعض السلوكيات الخاطئة مثل التّقيؤ عمدًا بعد الشعور بالندم عند تناول الطعام بكميات كبيرة(Purging Behavior).
2- تأثير مواقع التواصل الاجتماعي (Social Media):
ارتفع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي خلال فترة الحظر المنزلي بشكل ملحوظ، بِحجة إضاعة الوقت والتسلية بسبب وفرة الوقت، وعدم وجود مهام لتأديتها، وعلى الرغم من الدور الإيجابي لوسائل التواصل الاجتماعي كونها الوسيلة الوحيدة للتواصل مع الأهل، والأقارب، والأصدقاء خلال فترة الحظر المنزلي، إلا أنها أثرت بشكل سلبي على الأفراد الذين يعانون من اضطرابات الطعام. وذلك بسبب:
أ- الأفراد الذي يعانون من اضطرابات الطعام عادةً أكثر تأثرًا بالصور الموجودة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تظهر الشّبان بجسم رياضي وعضلي، وتظهر الفتيات بقوام نحيف مثل عارضات الأزياء، لذلك أي زيادة بالوزن ستسبب لهم القلق، والاكتئاب.
ب- الاهتمام الزائد برأي الاخرين وتفاعلهم مع الصور التي يشاركونها على حساباتهم، والرغبة في الحصول على ردود الفعل من الإعجاب والتعليقات، وفي حال عدم حصولهم على التفاعل المرغوب سيعتقدوا أن مظهرهم الخارجي لم ينل إعجاب الاخرين، وتسيطر عليهم مشاعر القلق إتجاه مظهرهم وشكل أجسامهم.
ماذا تقول الدراسات؟
-في دراسة أُجريت في أستراليا لمعرفة تأثير فيروس كورونا على الأفراد بشكل عام والأفراد الذي يعانون من اضطرابات الطعام وجدوا أنّ:
- 36% من الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الطعام زادت لديهم حالات نهم الطّعام، و19% منهم زادت لديهم سلوكيات التقيّؤ عمدًا، و48% منهم زادت ممارستهم للرّياضة بشدّة بعد تناولهم للطّعام (Driven exercise).
- أمّا تأثيرها على الأشخاص الذين يعانون من فقدان الشّهية العصبي(Anorexia Nervosa) فـ 67% منهم زادت لديهم سلوكيات الحرمان والتقليل بشدّة من السعرات الحرارية المتناولة، و20% زادت لديهم حالات نهم الطعام، و18% زادت لديهم سلوكيات التقيؤ المتعمّد، و50% زادت ممارستهم للرّياضة بشدّة بعد تناولهم للطّعام.
- من أصل 5289 شخص من عامة الناس 27% زادت لديهم حالات الحرمان والتقليل بشدّة من السعرات الحرارية، و 35% منهم زادت نسبة ممارستهم لنهم الطّعام مقارنةً بممارستها من قبل بدء هذه الجائحة.
أُجريت هذه الدراسة على 90 طالب في أحد الجامعات الأمريكية بهدف تقييم تأثير جائحة كورونا على التغييرات في وزن وصورة الجسم فوجدوا أنّ:
- 30% من الطلاب شعروا بازدياد أوزانهم.
- 80% منهم لاحظوا زيادة استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي.
- 65% منهم زاد لديهم الاهتمام بالوزن والصورة الخارجية لأجسامهم.
- 60% منهم زاد لديهم الاهتمام بطبيعة غذائهم.
السؤال الآن، ما هي الخطوات التي يمكن اتباعها لتقليل من تأثير كورونا والحظر المنزلي على عاداتنا الغذائية وصحتنا النفسية؟
- تقسيم الوجبات خلال اليوم إلى 6 وجبات منها: 3 رئيسية و3 وجبات خفيفة، لتجنب قضاء وقت طويل من دون طعام، وبهذا تقلل من فرصة التعرض لنوبات نهم الطّعام.
- البحث عن هواية، أو حرفة، أو لغة جديدة ترغب في تعلمها، لتعبئة أوقات الفراغ لديك في تعلميها وتطويرها، واكتساب مهارات جديدة، مما يشتت تفكيرك بالوزن وشكل الجسم، وبذلك تقلل تعرضك للمحفزات التي قد تسبب اضطرابات الطعام، بالإضافة إلى التعزيز من قدراتك، وزيادة الثقة بالنفس، والشعور بالراحة.
- ممارسة أي نشاط بدني، أو أي نوع رياضة بسيط تفضله خلال فترة الحظر المنزلي، بالتّالي ستساعد في تحسّين مزاجك ونفسيتك.
- التقليل تدريجيًا من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وخصيصًا الأفراد الذين يعانون من اضطرابات الطعام.