ما الفرق بين اضطربات الأكل وسلوكيات الأكل المضطربة؟
كون أن هناك معايير محددة لتشخيص اضطرابات الأكل المشهورة(Eating Disorder)، مثل: فقدان الشهية العصبي، الشره العصبي المرضي، واضطراب نهم الطعام فقد يكون تشخيصها سهل نسبيًا، ولكن ماذا عن السلوكيات الغذائية المضطربة والتي من الصعب تحديدها وتشخيصها، هل هي أقل أهمية ويمكن تركها دون تدخل علاجي واضح؟
في البداية دعنا نوضح مفهوم تناول الأكل الطبيعي، وهو عندما يستهلك الشخص الطعام بوعي فيتناول الطعام عندما يكون جائع، ويكون قادر على التوقف عند شعوره بالشبع، ويكون نظامه الغذائي متنوع، ومتوازن بين المجموعات الغذائية المختلفة.
أمّا السلوكيات الغذائية المضطربة(Disordered Eating) فتعبر عن السلوك الغذائي الواقع بين الأكل الطبيعي، واضطرابات الأكل، وبعض سلوكيات الأكل المضطربة التي يمتلكها الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الأكل، لكن بتواتر وشدة أقل، ومع أن هذه السلوكيات لا تعد كافية للتشخيص باضطراب محدد، إلّا أنها تعد عامل خطورة كبير للإصابة بمختلف اضطرابات الأكل وحتى اضطرابات نفسية أخرى، إذا لم يتم التدخل العلاجي بشكل مبكر.
-الأعراض المصاحبة لسلوكيات الأكل المضطربة:
التقييد أو الإفراط في تناول الطعام، سلوكيات متعلقة بالتخلص من الأكل أو التعويض عنه، مثل: التقيؤ المتعمد، والإفراط في ممارسةالرياضة، واستخدام المسهلات، وقد تشمل أيضًا:
1-ربط القيمة الذاتية بأمور كالوزن والشكل.
2-النظرة السلبية للجسد على الرغم من أن الوزن قد يكون ضمن التصنيف طبيعي.
3-ممارسة التمارين الرياضية بشكل صارم، ومفرط.
4-الهوس بحساب السعرات الحرارية.
5-القلق من بعض الأطعمة، أوالمجموعات الغذائية.
6-اتباع أنظمة غذائية قاسية محدودة في المجموعات الغذائية، أو غير مرنة بأوقات الوجبات، أو رفض تناول الطعام خارج المنزل.
–كيف يؤدي إتباع نظام غذائي خاطئ إلى سلوكيات الأكل المضطربة؟
هناك العديد من الأنظمة الغذائية التي لا تراعي الفروقات الفردية بين الأشخاص، واتباع أحد هذه الأنظمة قد يؤدي إلى سلوكيات الأكل المضطربة، ويرافقها الشعور بالجوع، والمزاجية، ونقص الطاقة، كما تتأثر الصحة النفسية، والجسدية للشخص.
وهذا قد يُدخل الأفراد في دورة النظام الغذائي التي تقود إلى الإصابة باضطرابات الأكل الكاملة، وتبدأ هذه الدورة كالآتي:
1-اتباع نظام غذائي قاسي يقيّد نوعية، أو كمية الطعام المسموح تناولها.
2-عند تقييد الطعام يشعر الجسم بالحرمان ويبدأ ببعض التكيفات، مثل: تقليل عمليات الأيض، زيادة الشهية خاصةً تجاه الأطعمة الممنوعة، وتسيطر مشاعر الانفعال، والتعب على الفرد.
3-بعد فترة يتم كسر أحد قواعد النظام الغذائي نظرًا لطول قائمة الممنوعات، ولأن الجسم يشعر بالحاجة للطاقة، فيتناول الشخص الأطعمة التي حرم نفسه منها، وهذا غالبًا ما يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام.
4-بعد كسر القواعد الغذائية تبدأ المشاعر السلبية تسيطر على الشخص، مثل: تدني احترام الذات، والشعور بالذنب، والصورة السلبية للجسم، ويصل في النهاية إلى فقد القوة، والإرادة، والإحساس بالفشل.
5- مشاعر عدم الرضا عن الوزن، والشكل تؤدي إلى اتباع سلوكيات أو حميات أكثر قسوة من الحمية السابقة، والبدء بدورة النظام الغذائي مرة أخرى.
-على ماذا تؤثر سلوكيات الأكل المضطربة؟
تؤثر سلوكيات الأكل المضطربة على الأداء اليومي للفرد، مثل:
1-القدرة على التركيز، لأنّ الأفكار المتعلقة بالطعام، والجسم تؤدّي إلى فقدان التركيز، أو تعيق الأداء في العمل، أو المدرسة.
2-تقييد الحياة الاجتماعية؛ لأنها قد تتطلب تناول الطعام في المطعم، أو استهلاك الأطعمة الممنوعة بالنسبة للشخص، أو أنها تعطّل ممارسة التمارين الرياضية الروتينية.
3-استهلاك الطعام، أو تقييده كوسيلة لإدارة مشاكل الحياة، أو التعامل مع الضغوطات.
4-الانزعاج والقلق بسبب الأفكار المتعلقة بالطعام، والجسد.
-هل يمكن تجنب سلوكيات الأكل المضطربة؟
يمكن التقليل من فرصة التعرض لسلوكيات الأكل المضطربة عن طريق:
1-تجنب الحميات القاسية: تعتمد العديد من الأنظمة الغذائية على تقليل الطعام سواء من حيث الكمية، أو النوعية، مما يسبب للأفراد الشعور بالحرمان، وقد يقودهم ذلك إلى الإفراط في تناول الطعام فيما بعد، لذّلك الأفضل اتباع حمية غذائية متوازنة تشمل جميع المجموعات الغذائية.
2-اتباع جدول رياضي مناسب: ممارسة الرياضة أمر ضروري ولكن لا يجب الإفراط فيها، كما يفضل اختيار الرياضة التي تحبها وتستطيع الاستمرار فيها على المدى البعيد.
3-تجنب التوزين: غالبًا ما يعاني الأفراد الذين يعانون من اضطرابات الأكل من هوس الميزان، فيزنون أنفسهم يوميًا، أو عدة مرات في اليوم.
-علاج سلوكيات الأكل المضطربة:
من المهم مراجعة طبيب مختص لتقييم الحالة، وعدم الاعتماد فقط على ملاحظة الأعراض لدينا، أو عند الأشخاص الذين نهتم لأمرهم، وقد يساعد العلاج النفسي الأشخاص الذين يعانون من سلوكيات الأكل المضطربة على تقبل الجسد، واستكشاف المشاكل النفسية الأخرى التي تؤثر على اضطرابات الأكل، حيث تعتبر قلة احترام الذات، والنظرة السلبية لشكل الجسم شائعة بين هؤلاء الأفراد، كما أن المتابعة مع أخصائي/ة تغذية مختص باضطرابات الأكل طريقة صحيحة لبناء علاقة صحية وسليمة بين الفرد والطعام، وزيادة الاهتمام بإشارات الجوع والشبع.