هل السعرات الحرارية المتناولة مرتبطة بالنشاط البدني؟
غالباً نفترض أن العلاقة بين مستوى النشاط البدني للشخص ومقدار السعرات الحرارية المتناولة علاقة طردية، وحتى المعادلات التي تستخدم في حساب احتياجات السعرات الحرارية للشخص تأخد بعين الاعتبار مستوى نشاطه البدني؛ فإذا كان عامل بناء مثلاً، سيكون احتياجه من السعرات الحرارية أكبر من شخص عمله على المكتب طول النهار! وهذا منطقي جداً، لأنه بهذه الحالة سيكون في توازن (Homeostasis)؛ لكن لو كان الموضوع بهذه البساطة وبهذا المنطق لما كانت مشكلة السمنة وزيادة الوزن بهذا التزايد يومًا بعد يوم! لكن جسم الإنسان أعقد مما نتخيل، والعوامل المحيطة بالشخص كثيرة ومن الصعب أن تأخذها المعادلة كلها بعين الاعتبار.
شعورنا بالجوع والشبع يتحكم فيه الكثير من الإشارات العصبية والهرمونات، ودائماً يحاول الجسم أن يكون في حالة التوازن التي تكلمنا عنها في البداية، لكن هناك عوامل كثيرة ممكن إن تُحدث خلل بهذه الإشارات، وبالتالي يحدث عدم تنظيم وهذا ينتج عنه تناول سعرات حرارية زائدة عن حاجة الجسم، مما يؤدي إلى زيادة الوزن على المدى البعيد. العامل الذي سنتكلم عنه في هذا البوست ليس غريب علينا كثيرًا للأسف، ومنتشر جداً وهو قلة النشاط البدني (Sedentary Behavior).
في دراسة قام بها الباحث جين ماير (Jean Mayer) وزملاؤه ليعرفوا أكثر عن علاقة بين مستوى النشاط البدني وتناول السعرات الحرارية والوزن، أُجريت على (213) عامل بنغالي يعملوا في مطحنة، وكانوا عبارة عن 4 مجموعات، وكل مجموعة عملها يتطلب جهد بدني معيّن مختلف عن المجموعات الأخرى، حيث كان عمل المجموعة الأولى يتطلب جهد بدني عالي جداً، والمجموعات الأخرى جهد بدني أقل بالتدريج، وصولاً إلى المجموعة الرابعة والذين كانوا موظفين يعملوا في بيع منتجات المطحنة داخل المتجر، يعني عمل مكتبي بدون جهد بدني مذكور وواضح. تم أخذ معلومات كل شخص من وزن وطول، وتأكدوا من عدم وجود أي مشاكل صحية وبدؤوا في دراسة كمية السعرات الحرارية المتناولة خلال اليوم لجميع الأشخاص من الأربع مجموعات، والنتيجة كانت صادمة!
المجموعات الثلاثة الأولى، والتي يتطلب عملها جهد بدني حتى ولو بسيط، كانت العلاقة بين مستوى نشاطهم البدني والسعرات الحرارية المتناولة علاقة طردية ولكن طبيعية، بمعنى أن تناولهم للطعام وشعورهم بالجوع والشبع كان منطقي وجسمهم كان في حالة توازن. أما المجموعة الأخيرة فكانت كمية السعرات الحرارية التي يتناولوها غير متناسبة مع مستوى نشاطهم البدني، ماذا يعني هذا؟ يعني أنهم كانوا يتناولون سعرات حرارية أعلى من احتياجهم وكانوا أكثر مجموعة تتضمن أشخاص يمتلكون وزن زائد أو يعانون من السمنة!
وغير هذه الدراسة تمت العديد من الدراسات على هذا الموضوع كلها أعطت نفس النتيجة، وهي أن الشخص الذي لا يقوم بأي نوع من أنواع النشاط البدني في حياته؛ غالباً لن يكون السبب في زيادة وزنه فقط أنه لا يقوم بحرق السعرات الحرارية التي تناولها مثل ما يعتقد الأغلب، لكن أيضًا يكون لديه خلل في إشارات الجوع والشبع أو يمكن القول أن الجسم يفقد الإحساس بهذه الإشارات، وبالتالي لا يعرف ماذا يعني الجوع والشبع، وتصبح عملية الأكل معتمدة على عوامل خارجية أكثر مثل تواجده في مكان معيّن أو مجرد إنه الشعور بالملل مثلاً!
لذلك إذا كنت من الأشخاص الذين يعملون بدوام مكتبي أو لا يتطلب حركة وأغلب يومك خالي من الحركة والجهد البدني، ضروري جداً إن تدخل النشاط البدني والرياضة إلى حياتك، يعني حتى تغييرات بسيطة مثل استخدام الدرج بدل استخدام المصعد ممكن أن تعطي فائدة!
ونحن في منصة FitZad نركز على الرياضة وزيادة النشاط البدني اليومي كجزء مهم من نمط حياة صحي، ليس لأنك بحاجتها حتى تحرق السعرات الحرارية الزيادة التي تناولتها! لا، ولكن لأن النشاط البدني يعود بفوائد كثيرة على الجسم، منها تنظيم إشارات الجوع والشبع الذي تكلمنا عنها.