نظام قليل الدهون أم قليل النشويات؟ أيهما أفضل لخسارة الوزن؟
عندما يتعلق الأمر بخسارة الوزن، أغلبنا يبحث عن طريقة سحرية ليخسر فيها الوزن الذي اكتسبه بسهولة وبأقل الخسائر، ومن هنا ظهرت الكثير من الحميات التي تعد بنتائج مذهلة وفي فترة زمنية وجيزة، منها الحمية القليلة بالدهون والحمية القليلة بالنشويات، هل فعلاً التقليل من تناول الدهون يجعل عملية خسارة الدهون أسهل؟ أم أن النشويات هي المتهم الأكبر والسبب الرئيس لانتشار السمنة؟
في هذا المقال سنعرض آخر الدراسات التي قارنت بين الحميتين وما إذا كان هنالك أفضلية لأحدهما بخسارة الوزن.
في دراسة كبيرة من نوعها تعتمد على التجربة السريرية (Randomized Clinical Trial) أجريت في سنة 2018 في جامعة ستانفورد (Stanford University) للمقارنة بين الحميتين، تم استقطاب 609 أشخاص من كلا الجنسين، تتراوح أعمارهم بين 33-47 سنة، يعانون من السمنة من الدرجة الأولى (مؤشر كتلة الجسم بمعدل 33 )، وليست لديهم أي أمراض مزمنة، وطُلب من هؤلاء الأشخاص حضور 22 جلسة استشارة تغذوية، وتم تقسيم المشتركين إلى مجموعتين؛ مجموعة تتبع حمية قليلة الدهون ومجموعة أخرى تتبع حمية قليلة النشويات)، قدم فيها الاخصائيون النصائح اللازمة لاتباع حمية صحية قليلة بالدهون أو حمية صحية قليلة بالنشويات ولكن من دون تحديد مقدار معين من السعرات الحرارية المستهلكة خلال اليوم؛ والمقصود بصحية هنا أنه تمت توعية الأشخاص في كلا الحميتين على تناول أطعمة ذات قيمة غذائية عالية، مثل: الإكثار من كمية الخضروات المتناولة، التقليل من الأغذية الغنية بالسكر المُضاف ، الأغذية المصنعة والجاهزة، والدهون المتحوّلة (trans fat)، وتناول الأطعمة المحضرة في المنزل قدر المستطاع.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الدراسة استمرت لمدة 12 شهر، خلال هذه الفترة، تم أخذ 12 مذكرة غذائية (24-hour recall) من المشتركين من دون إعلامهم مسبقاً، بحيث يطلب الاخصائي من المشترك أن يذكر له ما تناوله خلال آخر 24 ساعة سبقت اللقاء، كما وتم التأكد بالتزام المشتركين بالحميات باستخدام طرق أخرى مثل إجراء فحص “Respiratory Exchange Ratio” الذي يبين ما إذا كان الجسم يحرق الدهون أو النشويات بشكل أساسي. تبيّن أن المجموعة التي اتبعت حمية قليلة الدهون كانت تستهلك ما معدّله 42-57 غرام دهون اليوم، أما المجموعة التي اتبعت حمية قليلة النشويات فقد كانت تستهلك ما معدّله 96.6-132 غرام نشويات/اليوم.
درس الباحثون ما إذا كانت بعض الأمور مثل النمط الجيني (Genotype)، أو إفراز الإنسولين (Insulin Production) لها علاقة بخسارة الوزن في كلا الحميتين. وقد تمت دراسة متغيرات أخرى مثل التغير في الوزن، دهون الجسم (باستخدام جهاز DXA)، نسبة الكوليسترول، ضغط الدم، وفحص السكر الصائم.
على مدى الاثنا عشر شهراً التي استمرت فيها هذه الدراسة، كانت نتائج خسارة الوزن للمجموعة التي اتبعت الحمية القليلة بالدهون والمجموعة التي اتبعت الحمية القليلة بالنشويات: 5.3 كغ، و6 كغ على التوالي، أي أنه لا يوجد فرق ملحوظ بين المجموعتين. بالنسبة للمؤشرات الصحية الأخرى مثل الكوليسترول (LDL) فقد قل بشكل ملحوظ عند المجموعة التي اتبعت الحمية القليلة بالدهون، أما بالنسبة للمجموعة التي اتبعت حمية قليلة بالنشويات فقد زاد لديها الكوليسترول الجيد (HDL)، بينما قلت نسبة الدهون الثلاثية (Triglycerides) بشكل ملحوظ.
ما نستطيع استنتاجه من هذه الدراسة، أن نسبة الدهون أو النشويات في النظام الغذائي ذات أهمية قليلة أو تكاد تكون معدومة لطالما أن السعرات الحرارية وكمية البروتين ثابتة، ونوعية الطعام ذات قيمة غذائية عالية، وهذا يعود بنا لفكرة توازن الطاقة.
إذا كنت من الأشخاص الذين يبحثون عن إجابة واحدة ” يا أبيض يا أسود”، فيؤسفني أن أقول لك أنه في علم التغذية يصعب إيجاد إجابة كهذه بسبب تأثير الكثير من العوامل على موضوع فقدان وزيادة الوزن، ولأننا ما زلنا بحاجة إلى الكثير من الدراسات لمعرفة تأثير أنماط جينية معينة على الوزن والإصابة بالسمنة. أما إذا كنت تريد نصيحة لاتباع حمية تناسبك؛ فأفضل ما يمكن أن ننصحك به هو التجربة واختيار حمية مناسبة لك، متوازنة ويسهل عليك الالتزام بها على المدى البعيد، مع التركيز دائماً على جودة الطعام مهما كان نوع الحمية، والأخذ بعين الاعتبار الكمية المستهلكة من الطاقة (السعرات الحرارية).
قليل النشويات أم قليل الدهون؟ … حقاً لا يهم، فالأساس في جميع الحميات واحد وهو توازن الطاقة ونوعية الطعام.