كيف يتحكم الدماغ في الأكل؟
في طريقك إلى البيت بعد يوم طويل في الدوام، شعور الجوع يسطر عليك وأنت تقود سيارتك، تفكيرك في كيفية إسكات رغبتك الكبيرة في تناول الطعام، روائح الطعام المنبعثة من المطاعم تزيد شهيتك ورغبتك في الطعام، مع ذلك تقاومها إلى أن تصل للبيت، تختار صحن أرز مع قطعة لحم والقليل من المقبلات، وتبدأ في تناولها إلى أن تشعر بالشبع والرضا، وتصبح غير قادر على تناول المزيد، هذه الدورة تتكرر معنا جميعًا وبشكل دوري، ولكن هل فكرت سابقًا من المسؤول عن الشعور بالجوع ويدفعك لتناول الطعام، وعند الشبع يرسل لك الإشارات للتوقف عن تناول الطعام؟
المسؤول عن هذه العملية هو “الدماغ” وبالتحديد منطقة تحت المهاد(Hypothalamus)، وذلك من خلال التّحكم بالعديد من الهرمونات ومن ضمنها هرمونات الجوع والشّبع، بالمختصر أنت تتناول الطعام متى يخبرك دماغك بذّلك، وتتوقف متى يخبرك بذّلك.
ولتبسيط الموضوع فأن الدماغ مسؤول عن ثلاث دوائر تتعلق بموضوع تناول الطعام:
-الدائرة الأولى: دائرة الجوع (Hunger Circuits).
-الدائرة الثانية: دائرة الاستهلاك (Consumption Circuits).
-الدائرة الثالثة: دائرة الشّبع (Satiety Circuits).
-دائرة الجوع: وهي التي تجعلك تفكّر في الطعام، وتبحث عنّه، وعادةً أنت في هذه الدائرة تنتابك المشاعر السلبية، والتعاسة، ولكن بمجرد ما وضعت الطعام أمامك تنتهي هذه الدائرة وتسلّم المهمّة للدائرة الثانية (دائرة الاستهلاك).
-دائرة الاستهلاك: وهذه الدائرة هي التي تدفعك للبدء بتناول الطعام، ولكن مشكلة هذه الدائرة أنه في حال الجوع كان شديد، أو في حال كان الطعام لذيذ ومشهّي (Hyperpalatable)، مثل: الوجبات العالية بالدّهون، والسّكريات، والوجبات السّريعة، ستتناول كميات كبيرة منها وفوق حاجتك من السعرات الحرارية، لأن هذه الأطعمة تعطي مشاعر إيجابية، وتحسّن المزاج، بالتّالي لن تسلم المهمّة لدائرة الشبع بسهولة.
-دائرة الشّبع: وتتمثّل بالإشارات التي تصل من الدّماغ، وتجعلنا نتوقف عن تناول الطعام، وتتفعّل بناءًا على حجم الطعام، والسعرات الحرارية المتناولة.
ويتناوب الدماغ بين هذه الدوائر الثلاث، وكلما تنتهي مهمّة دائرة تُسلم القيادة للدائرة الثّانية، إذا كان الأمر يسير هكذا لماذا يزداد الوزن طالما الأمور مُنظّمة؟
قد يبدو الموضوع سهل من الخارج ولكنه مُعقد في الحقيقة، ويعتمد على العديد من العوامل، مثل: الجينات، طبيعة الأكل، نمط الحياة، البيئة المحيطة، طبيعة العمل، أفراد عائلتك الذين تعيش معهم، والحالة العاطفية للشخص ومشاعره.
كما هناك بعض العوامل التي تؤثر على الشّبع مثل:
1-وجود الألياف في الوجبة.
2-محتوى الوجبة من: النّشويات، البروتين، والدهون.
3-كمية السوائل في المعدة.
ومع ذّلك حتّى لو كان الدماغ يتحكم في طعامنا، يجب علينا أخذ بعض النقاط المهمّة بعين الاعتبار لتجنب زيادة الوزن، أو الحياة الغير صحية، ومن هذه النقاط:
1-التركيز على تناول مصادر البروتين، مثل: اللّحوم، الدّواجن، التونا، البيض، والحليب.
2-اختيار الأطعمة المنخفضة في كثافة الطاقة، والغنية بالماء والألياف، مثل الخضراوات والفواكه.
3-التقليل من الأطعمة اللّذيذة والمصنّعة، والتي تكون عادةً عالية الاستصاغة مما يجعل من الصعب التحكم بالكميات المتناولة منها، مع الحرص على عدم اللجوء إليها في حالات الجوع الشديدة لأنك ستتناول كميات أكثر من حاجتك بكثير.
4-التوجه إلى العادات الغذائية الصحية، وتنظيم الوجبات خلال اليوم، مثل: التخطيط والتحضير المسبق للوجبات، وخلق نظام تستطيع إتباعه أغلب الوقت.
5-تجنّب الحميات الغذائية القاسية، والأنظمة الغذائية القائمة على الحرمان.
6-تناول الطعام ببطئ، لإعطاء فرصة لإشارات الشّبع أن تصل إلى الدماغ.
7-محاولة السيطرة على العوامل البيئية المحيطة بك.
8-المرونة في الاختيارات، مثلًا إذا اشتهيت في يوم تناول أطعمتك المفضلة العالية بالسعرات تناول منها ما يتناسب مع حاجتك.
في النهاية يوجد أمامك العديد من الحلول في موضوع تناول الطعام فلا تلقي كل اللوم على الدماغ، بالعكس تعاون معه وساعده وقدم لهُ البدائل والخيارات الذكّية التي تساعدك دائمًا على تحقيق أهدافك الصحية والتغذوية.