فقدان الكتلة العضلية الهيكلية-الساركوبينيا- (sarcopenia)
مع التقدم بالعمر تبدأ المشاكل الصحية بالتطور والظهور، منها ما يكون نتيجة تراكمات وأمراض أخرى على المدى الطويل، وهناك أمراض معينة تزداد احتمالية الإصابة بها مع التقدم بالسن، ومن أشهر هذه الأمراض فقدان الكتلة العضلية الهيكلية(الساركوبينيا)، وهي ما سنتحدث عنه في هذا المقال.
فقدان الكتلة العضلية الهيكلية-الساركوبينيا-(sarcopenia) تُُعد من أهم المشاكل الصحية المرتبطة بالتقدم بالعمر بعد عمر ال60(الشيخوخة)، والتي تُعرف كخلل في الوظائف الجسدية(مثل سرعة المشي، أو قوة القبضة)، وتكون مصحوبة بفقدان الكتلة العضلية، مما يؤدي إلى انخفاض القوة والتوازن عند هؤلاء الأشخاص، ويعيق أدائهم للأنشطة اليومية الاعتيادية، مما يؤثر على نوعية حياتهم ويجعلها أصعب.
على الرغم من أن المسبب الرئيسي لها هو الشيخوخة، إلا أن نمط الحياة الذي يفتقر للنشاط البدني، وسوء التغذية يمكن أن يشكل عامل خطر إضافي لتفاقم المشكلة، مما يؤدي لانخفاض مستوى التحمل، وفقدان التوازن، النابع من انخفاض حجم العضلات.
ولما للتغذية دور مهم في علاج فقدان الكتلة العضلية الهيكلية-الساركوبينيا- أو حتى منع حدوثها، أوصت الهيئة الدولية لأمراض هشاشة العظام(IOF) بتناول كميات كافية من البروتين(بما لا يقل عن 1-1.2غ/كغم/اليوم)، كما أُجريت العديد من الدراسات التي تدرس دور المغذيات الأخرى في الوقاية منها، ولكن ما لم يتم دراسته سابقًا هو أهمية فيتامين ج في المحافظة على الكتلة العضلية الهيكلية أثناء الشيخوخة، لذّلك تم إجراء دراسة في عام 2020 لدراسة العلاقة بين فيتامين ج والكتلة العضلية، فماذا تخبرنا؟
–ما الذي تم درداسته؟
أُجريت دراسة مقطعية(Cross-Sectional Study) هي الأولى من نوعها في هذا الموضوع، في المملكة المتحدة، على أكثر من 13000 شخص من كلا الجنسين، تتراوح أعمارهم بين(42-82 عام)، بحيث تم أخذ قياسات الطول والوزن، وحُددت كميات فيتامين ج المتناولة عن طريق تحليل بيانات مدونات الطعام للمشاركين(لمدة 7 أيام)، بالإضافة لقياس مستوى فيتامين ج في بلازما الدم، كونه مقياس يراعي العوامل التي تؤثر على امتصاص فيتامين ج، بالإضافة إلى مراعاة العوامل المختلفة التي قد تؤثر على مستوى فيتامين ج، مثل: التدخين، نمط الحياة، وغيرها.
-النتائج:
بينت هذه الدراسة ارتباطات إيجابية مهمة بين فيتامين ج والحفاظ على الكتلة العضلية الهيكلية، حيث ساعد تناول كميات كافية من فيتامين ج في التقليل من الساركوبينيا بين المشاركين في منتصف العمر، وكبار السن.
ويعتقد أن هذا التأثير يأتي من دور فيتامين ج في تحفيز إنتاج الكولاجين(collagen) والكارنتين(Carnitine)، حيث يعد الكولاجين المكون الرئيسي لخلايا أوتار العضلات والهيكل العظمي، بينما يساهم الكارنيتين في تحسين عملية التمثيل الغذائي للأحماض الدهنية طويلة السلسلة أثناء النشاط البدني.
مع أننا بحاجة إلى دراسات أخرى لفهم العلاقة السببية في تأثير فيتامين ج الإيجابي على الأشخاص الذين يعانون من فقدان الكتلة العضلية الهيكلية، إلا أن هذه الدراسة تؤكد وتعطي سبب جديد للالتزام بإرشادات الأكل الصحي التي تحث على استهلاك نظام غذائي غني بالفواكه، والخضراوات(لضمان تحصيل كمية كافية من فيتامين ج)، والتقليل من الساركوبينيا(فقدان العضلات)، مع الحرص دائمًا على الالتزام بنظام غذائي صحي متوازن، وممارسة تمارين المقاومة الرياضة كونها العامل الرئيسي في الوقاية من فقدان الكتلة العضلية المرتبط مع التقدم بالعمر، بالإضافة لدورها الكبير في تحسين حجم العضلات وقوتها، كما تقوي العظام والأربطة، وهذا يعمل على التقليل وحتى الحماية من الأمراض المختلفة، ويحسن من الصحة بشكل عام.